بسم الله الرحمن الرحيم
ونحن نحتفل بذكرى ميلاد سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فإننا نحتفل على الحقيقة بالتَّشخيص السليم والمنهج القويم والدواء الكريم الذي أنزله الله في القرآن الكريم ، منذ بعثته إلى أن يرث الله الأرض ومَنْ عليها ونقول لأنفسنا وإخواننا والبشرية كلها لو قرأتم في الصيدلية المحمدية ستجدون حُلولاً إسلامية للإنسانية والبشرية كلها بطريقة مُبسَّطة ودقيقة وحكيمة لا يتبرَّم منها أحد ، بل هي بَلْسم شافٍ لكل فرد من أفراد الوجود لأنها من كلام خالق الوجود عز وجل
والله إن ما نراه الآن وما نسمع عنه في هذه الأيام من أمراض تتعلق بالأجسام أو مشكلات تتعلق بالمجتمعات أو الأفراد سواء اقتصادية أو سياسية أو اجتماعية فإننا نجد رسولكم الكريم صلى الله عليه وسلم فحصها ودرسها وأجرى التجارب الإلهية عليها وأخرج لها الدواء الشافي الذي لا دواء سواه
ونحن هنا نبحث عنها في الشرق والغرب ونجهد لها العقول ونجهِّز لها المخترعات والمعامل ونجري عليها التجارب ولا نصل إلى نتيجة حاسمة ، لأنَّ النتيجة وصل لها سيِّد الأنبياء من قبل ونحن إما لا نعلمها ، أو نعلمها ونشك فيها أو نعلمها ونتغاضى عنها مع أنها في الحقيقة هي الشفاء المحقّق من الله وإليكم بعض الأمثلة على ذلك:
في بداية هذا القرن وبالتحديد بعد الحرب العالمية الأولى أرادت الولايات المتحدة الأمريكية أن تقضي على شرب الخمر بين ربوعها فأصدرت القرارات الحاسمة وجعلت الغرامة كبيرة لمن يُضبْط يتعاطى الخمر أو يحملها أو يبيعها وأنفقت ملايين الدولارات على الحملات الدَّعائية التي تهدف إلى إقناع المواطنين بالإقلاع عن الخمر
واستمرت هذه الحملة أربع سنوات أُنفق فيها ما يزيد على العشرين مليون دولار بقيمة عملة ذلك الوقت وهى أضعاف أضعاف العملة الآن وحُكم بالسجن فيها على ما يزيد عن المائة ألف وأُعْدم فيها ما يزيد على الأربعة آلاف فرد ، وفي النهاية وجدوا أن كل ذلك لا يفيد ولم يستطيعوا أن يَمْنعوا الخمر ورجع الناس إلى ما كانوا عليه من مألوفاتهم وعاداتهم
ولكن هذا النبي الكريم وُجِد في أمة جاهلية لا تدري حكمة ترك الخمر الصحِّية وأضرارها الجسمانية التي عَمِلت فيها واجتهدت فيها الدَّعاية الأمريكية ، فأنزل الله عليه الدواء بلطف ولين حتى يُروِّض هؤلاء على طاعة الله ، فعندما رآهم يصلون وهم مخمرون ولا يعرفون ما يقولون أنزل الله قوله: {لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى حَتَّىَ تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ} النساء43
فنهاهم عن شربها قبل الصلاة بوقت كاف حتى يستطيعوا أن يُؤدَّوا الصلاة كما ينبغي لله
ثم تحرَّكت الصدور بعد ذلك فذهبوا إلى رسول الله ، وقالوا شئ يحرِّمه الله في الصلاة ، أفيه نفع أم إثم؟ فأجاب رب العالمين: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا} البقرة219
فيها منافع عاجلة للتجار والصُّنَّاع وفيها آثام كبيرة للشاربين والإثم بلا شك أكبر من المنافع لأن المنتفعين يستطيعون أن يُبدلوا تجارتهم وصناعتهم وعملهم بعمل نافع للبشرية
وأخيراً قالوا يا رسول الله: نريد بياناً شافياً في الخمر ، فأنزل الله تعالى قوله: {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} المائدة90
فلما قرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم أسرعوا لِكَسْر زُجاجات الخمر المنتشرة في بيوتهم حتى غرقت شوارع المدينة من كثرة ما أُريق فيها من خمر
وقد تم ذلك بدون منشورات ولا دعايات ولا إعلانات ولا وسائل دعاية مسموعة أو مرئية وكذلك لم يتم في تنفيذه أحكاماً قاسية بالسجن أو القتل أو غيره ، وإنما كان ذلك بالدواء الذي جاء به الله على يد سيِّد الأنبياء صلى الله عليه وسلم و بحكمته البالغة التي يقول فيها رب العزة تبارك وتعالى: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ} آل عمران159