سَــرَابٌ
قصيدة من ديوان سمراء قلبي
للشاعر الكبير الدكتور / عزت سراج
ــــــ
أَرَاقَ دَمِي وَلا يَكْفِي
غَزَالٌ شَارِدُ الطَّرْفِ
يَكَادُ سَنَا مُحَيَّاهُ
يُضِئُ الْغَابَ فِي خَطْفِ
سَرَى فِي رِقَّةِ الأَنْسَامِ
مِنْ إِلْفٍ إِلَى إِلْفِ
صَفِيُّ الرُّوحِ تَلْمَحُ فِي
بَرِيقِ الْعَيْنِ – مَا يُخْفِي
كَحِيلُ الْجَفْنِ قَتَّالٌ
إِذَا أَغْفَى بِلا سَيْفِ
مَشَى مُتَلَفِّتَاً وَثِقَاً
يُدَنْدِنُ شَامِخَ الأَنْفِ
وَيغْسِلُ فِي النَّدَى سَاقَاً
رَشِيقَ الْخَصْرِ وَالرِّدْفِ
أُرَاقِبُ خَطْوَهُ كَلِفَاً
لَعَلَّ وِصَالَهُ يشْفِي
فَيلْوِي جِيدَهُ قَلِقَاً
وَيُرْسِلُ سَهْمَهُ خَلْفِي
تَلَفَّتَ نَحْوَ سَاقِيَةٍٍ
تُرَجِّعُ سَاحِرَ الْعَزْفِ
تُغَنِّي الْحَقْلَ حَانِيَةً
وَتُرْضِعُ دَانِيَ الْقَطْفِ
عَنَاقِيدُ الْكُرُومِ لَهُ
تَدَلَّتْ عَذْبَةَ الرَّشْفِ
فَيسْتَلْقِي وَيحْضُنُ نَاعِمَ
الأَغْصَانِ فِي عَطْفِ
يشُدُّ ذِرَاعَهُ كَسَلاً
وَيُرْخِي الْجَفْنَ فِي ضَعْفِ
وَتَحْتَ ظِلالِ لَيْمُونٍ
يرَفْرِفُ فِي شَذَا الْعَرْفِ
يَنَامُ عَلَى بِسَاطِ الْعُشْبِ
عِنْدَ الشَّاطِئِ الْخَلْفِي
وَيَنْعَسُ هَادِئَ الأَحْلامِ
مِنْ طَيْفٍ إِلَى طَيْفِ
وَيغْفُو عِنْدَ وَجْنَتِهِ
حَمَامُ الأَيْكِ فِي لُطْفِ
وَيُفْزِعُهُ زَئِيرُ الأُسْدِ
فِي رَعْدٍ وَفِي قَصْفِ
فَيصْحُو هَارِبَاً فَزِعَاً
يلُفُّ يفِرُّ فِي خَوْفِ
يطَارِدُهُ صَهِيلُ الرِّيحِ
مَذْعُورَاً إِلَى الْحَتْفِ
يلُمُّ يضُمُّ رِجْلَيْهِ
إِلَى السَّاقَيْنِ فِي عُنْفِ
يدُقُّ فُؤَادُهُ هَلَعَاً
مِنْ الإعْيَاءِ وَالرَّجْفِ
تَكَادُ النَّارُ تَحْرِقُُهُ
مَعَ الإِسْرَاعِ وَاللَّفِ
تَدُورُ تَفُورُ كَالتَّنُّورِ
فِي السِّيقَانِ وَالْجَوْفِ
يَقُومُ يُقَاوِمُ الإِعْياءَ
لا يَقْوَى عَلَى الْوَقْفِ
وَقَدْ صَارَ الرَّبِيعُ الطَّلْقُ
يَغْرَقُ فِي لَظَى الصَّيفِ
وَيَصْحُو الذُّعْرُ فِي الأَحْدَاقِ
مِنْ زَحْفٍ إِلَى زَحْفِ
وَتُصْبِحُ بَهْجَةُ الأَغْصَانِ
صِدْقَاً رَائِعَ الزَّيْفِ
كَأَنَّ حَيَاتَهَا مَوْتٌ
فَظِيعٌ جَائِرُ الْخَسْفِ
صَحَارِي الرُّوحِ شَاسِعَةٌ
تَطُوفُ بِلَيْلِهَا الْمَنْفِي
فَتَعْرِفُ أَنَّهَا تَفْنَى
وَأَنَّ قَلِيلَـهـَا يكْــفِي
قصيدة من ديوان سمراء قلبي
للشاعر الكبير الدكتور / عزت سراج