الجزء الثالث..
في اللحظة اللي دخل فيها سعيد المستشفى ويا نهيان التقى في آخر شخص كان يتوقع يشوفه، شخص من الماضي، التقى في الانسانة الوحيدة اللي تمكنت تاخذ قلبه، التقى في الانسانة اللي سحرته بكلامها و ذوقها و رقتها، الانسانة اللي أثبتت ان الجمال مب اساس الحب، و اللي في نفس الوقت أثبتت لسعيد ان استمرار السعادة في الحب شي مستحيل...اثبتتله ان الحب الدايم هو أمل مقتول، التقى سعيد في نص قلبه الثاني "شرينا"...
وقف سعيد في مكانه، كانت كل أطرافه ترتجف شوق و لهفة و حزن، مسكين ...التقى في الانسانة اللي علقته في حبه و اختفت فجأة بليا وداع أو سبب، شرينا هجرت سعيد في قمة احساسه بالحب، هجرته و دمرت ثقته في كل البنات، شرينا كانت الوحيدة اللي سعيد قالها كلمة "أحبك" من غير خجل و كانت نابعة من قلبه، و اقترب سعيد منها و انتبهت شرينا لوجوده و كان وجوده قدامها صدمة شلّت كل حركاتها، اقترب سعيد منها و كله أمل انها تحييه مثل أول و بترتمي في حضنه، و ما وقفته ألف كلمة لا أطلقتها عيونها و لا ألف دمعة وقفت في عيونها و اترجت انه يوقف في مكانه و يبتعد، و استمر سعيد يقترب و يقترب الين ما أوقفه صوت من خلفه
....." يا مرحبا و الله سعيد، و الله و لك وحشة يا ريال"
سعيد وقف في مكانه و التفت لوراه و التقى في واحد من أصدقاء أيام الدراسة في الثانوية ، كان ربيعه بخيت ، كانت تجمعهم علاقة قوية في أيام الدراسة و لكنهم انقطعوا بعد ما سافر بخيت يدرس طب في لندن، سعيد ماعرف شو يرد..كان كل تفكيره في شرينا اللي واقفة قدامه..
بخيت" بلاك يا ريال...و بعدين شو السالفة شو كل هالدم عسى ما شر"
سعيد و هو مشغول بشيرينا اللي وقفت بعيد و هي تطالعهم بنظرات كلها خوف و توتر" لا و الله ماشي بس ظرابة بسيطة"
بخيت يضحك و يقوله" بعدك انت ما يزت عن الظرابات و سوالف المدرسة"
سعيد يبتسم ابتسامة فاترة و هو ماله خاطر يرمس بعد ما شاف حبيبة العمر شرّون.
بخيت" يلا زين يوم اتلاقينا، و الله و لك وحشة يا ريال..تعرف انت أول واحد ببشرك"
سعيد ترتسم على ويهه علامات تعجب
و يبتسم بخيت بعد ما شاف علامات الاستغراب على ويه سعيد و يكمل" ترى يبنا الحرمة اليوم المستشفى و أخيرا بتيبلنا بخيت صغيرون"
و يباركله سعيد و هو مرتبك خايف شرينا تروح عنه، و يطالعها و هي قاعدة على كرسي المستشفى و تختلس النظرات و تحاول تتجاهل وجوده بالرغم من ان كل ما في وجهها كان مع سعيد.
سعيد" يلا مبروك يا بخيت ..و يتربى في عزك انشالله"
بخيت " تسلم يا سعيد..و الله ويهك خير عليه...اقول يلا انا اترخص و خلينا على اتصال"
و يمدله كرت عليه أرقام تلفوناتها و ياخذ رقم سعيد.
و قبل ما يروح بخيت ينادي بصوت عالي "يلا يا حرمة"
و يلتفت سعيد للجهة اللي ينادي عليها، و تقوم شرينا من مكانها و تمشي صوبهم، و تمسك ايد بخيت و تروح معاه، و هني تتهدم كل الآمال و كل فرحة اللقا....شرينا كانت حرمة بخيت، شرينا حبيبة قلب سعيد اللي محد يدري عنها كانت في نفس الوقت حرمة ربيعه، شرينا كانت حرمة بخيت الحامل.
في هالحظة يحس سعيد بسكين تطعنه في قلبه بدون رحمة و تطلع منه آهة حزينة هزت كل كيانه ، كانت آهة حزن و آهة يأس..و يقول في خاطره ليش يا ربي التقيت فيها، ليش شفتها بعد ما راحت، ليش انا من دون الناس حظي تعيس ..و لكن أسئلته كانت يتيمة ..مالها أجوبة غير الدموع..
نهيان ربيع سعيد كان واقف بعيد يتابع الموقف و لكنه ما كان يعرف شو السالفة، ما كان ربيع بخيت و ما سبق انه التقى في شرينا و لكنه كان يدري عن مكانتها الكبيرة في قلب سعيد و كيف انها الوحيدة اللي حبها و هجرته.
استغرب نهيان من وقفة سعيد، و لاحظ عليه كيف اتغير لون وجهه، و لاحظ دمعة متجمدة في طرف عينه..
نهيان" سعيد شو بلاك..شو فيك..شي يعورك"
سعيد"......."
نهيان" سعيد رد علي...زاد عليك عوار راسك"
و يسكت سعيد ، و يخلي نهيان حاير و مب لاقي أجوبة لأسئلته، سعيد ما كان في حالة تسمحله انه يرد او يوضح أي شي، سعيد كان يحتاج لأي حد يوضحله اللي صار قدام عينه الحين، كان محتاج لعذر مقنع يبرر هجر حبيبته و زواجها من ربيعه.
و مشا سعيد ويا نهيان و هو ساكت و عيونه تحكي آهات و آلام محد يدري عنها غيره، و دخلوا عند الدكتور اللي داوالهم جروحهم و رخصهم بعد أقل من ساعة و وصاهم بالراحة ، و يركبون سيارة اخو نهيان و يروح كل واحد منهم لبيته و في قلبه أسئلة و أسئلة..بس منو يجاوبها...
..........................
في سيارة بخيت..
بخيت" شرينا ..."
شرينا" هلا"
بخيت" شفتي الريال اللي سلمت عليه"
و يعتفس ويه شرينا" ش ..شو بلاه"
بخيت" لا ماشي ..بس هذا ربيعي سعيد...كان وياي أيام الثانوية"
و ما ترد شرينا..
بخيت" تعرفين ...كنا دوم ويا بعض في المدرسة بس افترقنا يوم سافرت أدرس و هو تم هني يدرس في التقنية...ماشاء الله عليه الحين استوى مهندس "
و تبتسم شرينا ابتسامة باردة و تقول في خاطرها" آآآآآه يا بخيت ..ما في داعي تكمل...أنا أعرف كل شي عن سعيد..أعرف كل شي"...و تسرح شرينا في سعيد و تسترجع ذكرياتها معاه..
شرينا ما كانت ملكة جمال ، كان جمالها بسيط و هادي ، كانت انسانة رقيقة و حساسة لأبعد حدود.. كان كل عالمها وردي ..عالم حب وجمال..شرينا حبت سعيد اللي كان ولد جيرانهم، كان حبها في البداية حب من طرف واحد ..لين ما يا اليوم اللي انتبه فيها ولد الجيران للبنت اللي كل يوم تتعلث بالزراعة عشان تشوفه أول ما يرد من الدوام..أو تتعمد اتي مع أمها لبيتهم في كل الزيارات..و بدا سعيد يحس بشي غريب صوب هذي البنت ...هذا الاحساس الغريب كان الحب ...بدا يتوله عليها و يفكر فيها كل الوقت..سعيد حب البنية اللي رفعت الحب فوق راسها و ما حاولت انها تدنسه باتصالات من ورى الأهل أو بلقاءات مخفية عن الأنظار، كان حبهم تكتبه الرسايل القصيرة اللي تملاها حكايات بريئة و مشاعر رقيقة ما تعدت السلام و ما تطورت لبوح المشاعر، كان حب سعيد و شرينا حب عفيف و بريء، و ضحكت شرينا على رسايلهم و تذكرت أول رسالة وصلتها من سعيد..كانت رسالة قصيرة تقول
" في متاهات الدروب..و عند شطآن الخليج..التقت عيناي صدفة..جنة القلب الجديدة..يا روح البنفسج..اقبلي من فارس الفجر السلام.." ....تمت شرينا تضحك على الطريقة اللي عطاها فيها اول رسالة..كانت توها رادة من المدرسة و هو كان يترياها في سيارته..و اول ما نزلت نزل من سيارته و فر الرسالة عدالها..و تمت هي مستحية و مترددة تشل الرسالة او لا..و مدت ايدها و خذت الرسالة و ركضت لحجرتها مستانسة و فرحتها مثل فرحة طفل عطوه هدية..
كانت هذي أول رسالة من سعيد لشرينا ...شرينا استغربت من كلمات سعيد و ما كانت تتوقع انه رومانسي لهالدرجة..ما كانت تتوقع انه ورا هالقناع الحاد من السكوت و الثقة بالنفس في انسان حساس و رقيق لأبعد الحدود..و ما كانت متخيلة انه في ريّال بمثل طيبة سعيد في هذي الأيام..و سرحت شرينا مرة ثانية و هي تتذكر كيف كانوا يوصلون رسايلهم لبعض...و تذكرت كيف كانوا يحطون الرسايل في الزراعة كل يوم ويا آذان الفجر قبل ماحد ينش من الرقاد.. كان موعدهم الفجر.. في كل يوم رسالة..و في كل يوم كان حبهم يكبر و يكبر..كانت حكايتهم سر محد يعرفه غيرهم ..كانت حكايتهم قمة في الرومانسية اللي ما وصلتها أحلى قصص الغرام..
تموا شرينا و سعيد يكتبون الرسايل في كل يوم بأحلى المشاعر الين ما صارح سعيد شرينا بحبه في وحدة من رسايله، و اعترفلها انه يبي يتزوجها بسنة الله و رسوله..
وافقت شرينا على الزواج و لكنها طلبت من سعيد انه يتريا لين ما تخلص دراستها...
و بدت رسايل شرينا تقل عن ما كانت عليه لين ما انقطعت تماما،في البداية كان سعيد يظن ان السبب هي امتحاناتها لانها كانت في الثانوية العامة..و لكن خلصت الامتحانات و ما وصلته أي رسالة من شرينا.. حاول يسال عليها لكن خوفه على سمعتها منعه و في يوم من الأيام سمع انهم انتقلوا من بيتهم بدون ما يخبرون حد و محد يعرف مكانهم...
رحلت روح البنفسج و خذت باقي قلب سعيد معاها..و دمرته بشكل ما قدر بعده انه يتحمله، رحلت و خلته شبه ميت، انسان ما يفكر غير في نفسه، سعيد فقد الثقة في كل حد غير من صديقه نهيان اللي وقف معاه في محنته و كان الصديق الوفي في وقت الضيقة، و لكن سعيد أصبح عقب رحيل شرينا محطم ، انسان ما همه حد، و كان يتعرف على الوحدة ورى الثانية و يعلقهم فيه و يتركهم..كان بهذا يحاول ينتقم منها و لكنه في الحقيقة كان ينتقم من نفسه....كان يحاول يخفي ضعفه بانه يستقوي على البنات..
سعيد عمره ما عرف شو السبب اللي خلا شرينا تبتعد عنه ..و شرينا ما حاولت انها تبين له أسباب خروجها المفاجئ من حياته ..و فضلت انها ترحل بصمت و تحتفظ بسرها لوحدها...
و تنزل دمعة حارة على خد شيرينا حرقت خدها و قلبها على ماضي كان شبه مدفون و لكنه طلع للحياة اليوم، و تمسح هالدمعة بسرعة قبل ما يلاحظها بخيت، بخيت كان ريلها اللي يحبها ، الريال الطيب اللي عمرها ما راح تنساله طيبته وياها..و لا تفكر انها تخونه حتى ولو كانت الخيانة باسترجاع ذكريات قديمة
........................
في بيت مهرة..
دخلت مهرة بيتهم و هي متوترة و خايفة على ربيعتها مريم..و أول ما وصلت دخلت حجرتها دقت لمريوم.. بس تلفونها كان مغلق..و جربت تكلمها على تلفون بيتهم..
مهرة" السلام عليكمّ"
حصة حرمة سلطان اخو مريم" هلا و عليكم السلام"
مهرة" هني مريم ؟"
حصة" هيه موجودة منو اقولها"
مهرة " قوليلها مهرة"
حصة" هلا مهرووه..شحالج..ما عرفتيني..انا حصة"
مهرة " هلا حصة ..شحالج شخبارج"
حصة" و الله تمام..اقوول..شو سالفة مريومة..و ليش جي تعبانة"
مهرة و هي مرتبكة.." ما شي بس تعبت..الدكتور قال فيها ضعف"
حصة بخبث :"هييييييه..و انتوا وين كنتوا يوم طاحت"
مهرة تلعوزت و ما عرفت شو تقول..خافت انه سعيد يكون خبر حصة عن السالفة" والله كنا مروحين من ابوظبي مول..نزين اقول وين مريوم اباها ضروري"
حصة " اهااا..وايت بسير ازقرلج ياها"
و تسرح مهرة..تخاف انه حصة تعرف عن السالفة..بس تقول في خاطرها متى لحق يخبرها..و تقطع مريوم عليها حبل أفكارها.." هلا مهروو..شو السالفة..شي مستوي"
مهرة" لا ما شي ..بس حبيت اطمن عليج و بعدين ليش تلفونج مغلق"
مريم " و الله ياختي انا زايغة و اخاف سعيد يخبر حد من اخواني او ابويه و اروح فيها"
مهرة " انزين انتي ما سويتي شي غلط ..."
مريم" نزين هو شو دراه...هو شافني و انا مب حاطة غشوة و متعدلة بعد"
و تسكت مهرة و تقول في خاطرها.." صدقها و الله..أي حد بيشوفها جي بيتحراها هي الغلطانة"
مريم" اسمعي انا الحين مب متفيجة ارمس..بخليج بسير ايلس ويا العقربة اللي عندنا.."
مهرة" هييه صح على طاريها..ترى تمت تسأل وين كنتوا و شو استوى و مادري شو"
مريم" اوهووو..الحين مب ناقص الا انه سعيد يخبرها عشان ترش فلفل على السالفة و تطلع هي شريفة مكة"
مهرة " لا تقولين جيه..الله يستر"
مريم " الله يستر"
و تسكر مريم عن مهرة و يتمون على نار مب عارفين اذا سعيد خبر حد او لاء..
يتبع لاحقا